حلول وبدائل التحكم في إنتاج الطاقة
يختلف معنى مصطلح (خارج الشبكة) حسب استخدامه. وهناك ثلاثة أسباب رئيسة تقف عائقاً في وجه الاتصال بالشبكة الكهربائية.
الأول أن عددًا من المجتمعات الصغيرة في بلدان نامية في إفريقيا وآسيا (الهند مثلًا) لا تملك الأموال الكافية للإنفاق على الاتصال المستمر بالشبكة الكهربائية العامة. والسبب الثاني أن بعض الأماكن نائية جدًا، ولا يمكن وصلها بالشبكة بسهولة بسبب المسافة البعيدة التي تفصلها عن البنية التحتية الأساسية؛ وتكثر هذه الأماكن في إفريقيا وأستراليا. أما السبب الأخير فيعزى إلى عدم رغبة بعض الناس بالاتصال بشبكة الكهرباء العامة لأنهم يرغبون في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتُعدّ أكثر الطرق شيوعاً في توليد الطاقة المتجددة هي حلول الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. لكن يعتمد ذلك في أغلب الأحيان على المنطقة لتحديد الموارد التي سيتم استخدامها للحصول على أفضل النتائج. ويمكن أن يشمل ذلك الطاقة الكهرومائية و/أو طاقة الكتلة الحيوية، كوسائل إضافية لإنتاج الطاقة المتجددة.
ومن الواضح أن الطرق التي توفر أكبر مجموعة من الخيارات هي تلك التي تُوظّف التقنيات الحديثة توظيفاً مثالياً مع أخذ الظروف المحلية بعين الاعتبار.
وقد أصبحت هذه التقنيات راسخة بأدائها اليوم، وجاوزت القدرة على توفير نظام اكتفاء للطاقة والمياه قائم بذاته. على سبيل المثال، تعمل الغواصات وسفن الشحن والسيارات جميعها بسبب قدرتها على العمل دون الحاجة لأي مصادر خارجية من الطاقة.
وتزداد حاجة العالم كل يوم إلى تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري، لذا حان الوقت اليوم للتفكير بجدية حول كيفية إنتاج الطاقة التي نحتاجها، وأصبح إيجاد الوسائل والحلول والبدائل لتحقيق ذلك ذو أهمية قصوى.
تولّد 40 في المئة من الشركات في المملكة المتحدة طاقتها الذاتية من خلال ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية على السطح وتوربينات الرياح. ويعدّ مزيج مصادر الطاقة مهماً لضمان الاستفادة القصوى من الفوائد.
ويزداد الدفع لتطوير وإنتاج الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي كل عام. وتتصدر الريادة في هذا المجال الأسواق الكبيرة التي ترغب باستثمار الطاقة المتجددة المدعومة حكومياً. واستطاعت مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تستفيد من الانخفاض المستمر في تكلفة هذه التقنية، ومن أهمية الموقع الجغرافي لهذه المنطقة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة التي تعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع. ويعدّ هذا التقدم ضروريًا لخطة استبدال مصادر الطاقة المتجددة التي تعتمد على الوقود الأحفوري وتأسيس قاعدة راسخة لمجتمع مستدام.
وإحدى العقبات الرئيسة المتعلقة بنماذج إنتاج الطاقة (خارج الشبكة) هي القدرة على تخزين الطاقة الفائضة لاستخدامها ليلًا في أغلب الأوقات، ما يُبرز أهمية إيجاد حلول لتخزين الطاقة. وتُعدّ تقنية البطاريات الحل الأكثر شيوعًا لتخزين الطاقة واستخدامها في الإنارة ليلًا.
إلا أن تكلفة وصيانة وموثوقية تخزين البطارية كانت تعتبر نقطة ضعف في مفهوم المعيشة والاعتماد على الطاقة خارج الشبكة.
ويعمل القطاع حاليًا على تطوير التقنيات التي ستساهم في تخطي عقبات تخزين الطاقة في محطات توليد الطاقة واسعة النطاق التي تستخدم بنوك الطاقة (البطاريات)، كما تُبذل الجهود الحثيثة لتجاوز الحدود الماضية لتخزين الطاقة الفائضة. وتُعدّ أنظمة بنوك الطاقة "باور وو" التي تنتجها شركة "تيسلا" مثالًا بارزًا على أنظمة الطاقة خارج الشبكة للاستخدام في المدن، فهي مؤتمتة بالكامل ولا تحتاج إلى أية صيانة.
من جانب آخر، ما زالت التكلفة حتى اليوم غير مناسبة لسوق الجملة، إلا أن هذه الأنظمة دليل على أن ذلك ممكنًا ليس فقط اليوم وإنما سيصبح حلاً أساسياً للمنازل الجديدة في المستقبل.
وعلينا أن نأخذ عوامل أخرى في الحسبان عندما نُقدّر حجم الطاقة التي يحتاجها منزل عائلي. على سبيل المثال، الاهتمام بطريقة تصميم المنزل وبنائه واستخدام مواد ذات كفاءة عالية لا تُنتج النفايات غير الضرورية أو تتسبب بخسارة الطاقة، فمن المهم أن تُخفّف البصمة الكربونية ويُفضّل إلى حد الصفر.
لذا تعد الجدران السميكة والنوافذ الذكية وإدارة الطاقة جميعها عوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لجعل كفاءة المنزل مناسبة وبحيث لا تؤثر على البيئة المحلية وتخفف من انبعاثات غاز ثنائي الكربون.
وقد حدثت تطورات اليوم عرضت أحدث الطرق لتطبيق تلك الابتكارات في المنازل. وتتواجد أحد منصات الاختبار في الحرم الرئيسي لجامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة.
ويتم اختبار التقنيات هنا على أرض الواقع لتجريب الحلول الأفضل في توفير الطاقة وتخزينها.
بدأت محطات توليد الطاقة التي تُغذي المجمعات السكنية بالانتشار في أجزاء من الولايات المتحدة الأمريكية، وظهرت على وجه الخصوص في أستراليا، حيث توجد مساحات كبيرة من الأراضي يشغلها عدد سكان صغير نسبياً.
ويجري العمل حالياً على مشروع في أستراليا الغربية، يعمل بشكل غير اعتيادي كـ "بنك لتخزين الكهرباء للمجمع السكني المحيط"، حيث يخزن الطاقة الزائدة من مجموعة من المنازل التي تعمل بالطاقة الشمسية.
وقد تعاونت شركة "ويسترن باور" مع شركة سينيرجي لتوليد الطاقة وطلبت من اثنين وخمسين من مُلّاك المنازل الانضمام إلى المشروع وتم تخصيص 8 آلاف كيلووات من التخزين لكل منزل، ما يساعد في تخزين الطاقة الفائضة في محطة التخزين، للاستفادة منها في فترة المساء. ويُعدّ ذلك نهجًا جديدًا لتخزين الطاقة في المجمعات السكنية، لذلك تتم مراقبته الآن عن قرب، مع العلم أنّ التقرير الأخير عن أداء المحطة كان مشجعاً وإيجابياً.
وتمتلك إفريقيا أيضًا عددًا من نماذج الأعمال الناجحة، مثل مدينة بوام التي تؤجر حل تخزين الطاقة الشمسية بالبطاريات للعملاء خارج الشبكة ما يجعل أسعار الطاقة الكهربائية أقل تكلفة.
ونشهد اليوم اتجاهاً ضخماً آخر يؤثر على سرعة تطور هذا النوع من الحلول، وهو نمو سوق المركبات الكهربائية الرائدة باستخدامها لأكثر البطاريات تطوراً على مستوى العالم، ما يخفض تكلفة تخزين الطاقة الكهربائية ويوفر حلولًا منخفضة التكلفة وتعمل خارج الشبكة.
ويعمل خبراء المجال حالياً على تطوير حلول توليد الطاقة خارج الشبكة والتي نتج عنها انخفاض سريع في تكلفة المنتج المقترن بها. وبدأ تطبيق بعضها اليوم، إلا أنّ وتيرة التطوير والابتكار في القطاع بطيئة إلى حد ما، مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع الطاقة في تطور مستمر على المدى البعيد بهدف تحقيق مستقبل أكثر كفاءة للجميع.