"النساء يحققن ذلك بأنفسهنّ": ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات
غالباً ما يُنظر إلى العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات على أنها مجالات يعمل فيها "رجال يرتدون المعاطف البيضاء". صحيح أن ذلك كان واقعاً خلال القرن الماضي، إلا أن هذه النظرة بدأت تتغير منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وأصبح العديد من الجهات ترى أن تشجيع النساء على دخول هذه المجالات التعليمية بات شيئاً هاماً في المدارس ومرحلة التعليم العالي، وخصوصاً في دول أوروبا الغربية.
يعتبر اهتمام المرأة اليوم بمجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات شيئاً جديراً بالاحترام في بلدان الشرق الأوسط، إذ نشهد تشجيع كبير لقيادة المرأة ومشاركتها في هذه المهن. وهناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى تشجيع تعليم المرأة في تلك المجالات وازدياد فرص النساء في العالم العربي بسرعة أكبر من أي مكان آخر. على سبيل المثال، تم إنشاء وإدارة 1 من أصل كل 3 شركات ناشئة جديدة في الدول العربية من قبل النساء، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى الإنترنت.
النساء هن من يتصدرن قيادة النمو المتصاعد لشركات التقنية الناشئة في المنطقة والتي تسجل اليوم نمواً واضحاً أسرع من أي وقت مضى. وقد ساعدت القدرة على الوصول إلى أسواق جديدة واكتساب المزيد من فرص العمل على كسر الحواجز التي كانت تقف في وجه التعلّم والتعاون.
وأصبحت المرأة اليوم قادرة على عرض مهاراتها الواسعة على المستويين الإقليمي والعالمي بفضل التطورات المتسارعة والتقدمية التي تحفز المرأة على الانطلاق في مجال الأعمال. وكشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن أن النساء اللواتي يدرسن مواد العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في دول الإمارات والأردن وقطر يحققن نتائج أفضل من نظرائهن من الذكور.
وعند المقارنة مع الدول الغربية، نجد أن 34 في المئة إلى 57 في المئة من الخريجين في مواد العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في المنطقة هم من النساء، وهي نسبة أكبر بكثير من الخريجين في الجامعات الغربية. وشهدنا على مدار العقد الماضي إطلاق برامج هندسية في كليات وجامعات الإناث في المملكة العربية السعودية التي أقبلت على التسجيل فيها أعداد كبيرة من الطالبات.
ومع ذلك لاتزال هناك الكثير من الخطوات التي يجب القيام بها، على الرغم من أداء النساء البارز في مجال التعليم في قطاعات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في العالم العربي. ويعزى ذلك إلى المشاكل التي قد تنشأ أحياناً عند محاولة النساء إطلاق شركات جديدة. وتعد صعوبة الدخول إلى سوق العمل من أبرز تلك العقبات، حيث أشار أحد تقارير البنك الدولي إلى أن 13 من أصل 15 دولة في العالم العربي تسجل أدنى معدل لمشاركة الإناث في القوى العاملة.
ولمعالجة هذه الهوة، لا بُدّ من تواجد الدعم الكافي لتشجيع سيدات الأعمال وخصوصاً في مجالات التقنية والتفكير الإبداعي التي تعد عاملاً جوهرياً في نجاح مشاريعهن. وقد بدأ هذا الدعم بالظهور، وإن كان بإيقاع بطئ.
كما تطلق الهيئات المتعددة في الأردن برامج لتشجيع الفتيات الصغيرات على متابعة تعليمهن في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، واستقطبت بعض تلك البرامج الأنظار على المستوى الدولي ومنها مبادرتيّ GO Girls و The Alchemist Lab اللتين أسستهما إحدى رائدات الأعمال الاجتماعية، وفازت المبادراتان بجائزة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
ومثال آخر على التغيير في هذا المجال هو منصة الاستثمارWomena ومقرها دبي، التي تركز بشكل أساسي على تشجيع التنوع بين الجنسين والاندماج في قطاع التنقية. وتحرص المنصة على إنشاء شبكات تواصل بين النساء لدعم بعضهن البعض والذي يعدّ أمراً جوهرياً في زيادة مشاركة النساء في إنشاء الشركات ومجالات العلم والتنقية والهندسة والرياضيات.
تؤمن إليسا فريحة، المؤسس المشارك لمنصة Womena إيماناً راسخاً بأن استثمار الوقت والطاقة والمال في رائدات الأعمال سيكون السبيل إلى النجاح من خلال العمل في الاقتصاد الرقمي الذي سيساعد على سد فجوة الأجور بين الجنسين وتوفير أدوار جديدة للمرأة في مجالات العلم والتقنية والهندسة والرياضيات.
ويعدّ الاقتصاد الرقمي العنصر الأساسي القادر على تسخير إمكانات المرأة التي لم تجد فرصتها حتى الآن، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتعد ساعات العمل المرنة عنصرا أساسياً في تمكين النساء من إنشاء الشركات والعمل في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، من خلال العمل من المنزل أو بدوام جزئي.
وتواصل رائدات المجال في قطاعات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات تجاوز الحواجز التي تقف عائقاً أمام دخول النساء الراغبات وتشجيع الأخريات على دخول سوق العمل.
وقد يبدو التطور بطيئاً، إلا أن العديد من النساء ترتقين في هذه المجالات وتتزايد أعداد اللواتي يبلغن الصدارة، ومع ذلك يجب ألا نتجاهل أهمية مشاركة النساء في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات والمجتمع ككل.
ويمكن تعزيز هذه المواهب والمهارات والابتكارات في مجالات العلوم والتقنية ا والهندسة والرياضيات بشكل ملحوظ بمشاركة نساء الشرق الأوسط إن مُنحن الفرصة ليحققن ذلك بأنفسهن.